مقاربة أسلوبیة دلالیة فی خطبة الجهاد

الأسلوبیة بتمثّلها منهجٌ من المناهج اللغویة المتمیزة التی بنی علیها کثیر من الدراسات اللغویة، لا تعتمد علی شکل اللفظة فحسبُ وإنّما علی عمق دلالاتها الکامنة فیها متجاوزة مرحلة التبسیط إلی مرحلة أعمق، عندما تتعامل مع لغة النصّ تعاملا فنّیّا، من خلال إبراز الظواهر اللغویّة الممیّزة ومحاولة إیجاد صلة بینها وبین الدلالات التی عن طریقها یمکن الوصول إلی المعنی الغائب فی النصّ. وتعتبر خطبة الجهاد من الخطب الخصبة للدراسات الأسلوبیة الدلالیة لما تتحلّی من الممیزات اللغویة البارزة التی تلائم فضاء الخطبة. فتسعی هذه العجالة بتمثّلها المنهج الأسلوبیة الإحصائیة، الکشفَ عن الدلالات الکامنة وراء الظواهر اللغویة والأسلوبیة فی هذه الخطبة. وجاء الترکیز علی ثلاثة من المستویات اللغویّة: المستوی المعجمی والمستوی الصوتی والمستوی الصرفـی. ومن النتائج التی توصّلت إلیها الدراسة هی: فی المستوی المعجمی ترکز الألفاظُ والعباراتُ علی ثلاثة حقول دلالیة وهی الدعوة علی الجهاد أولاً، وعدم نهوض أهل الکوفة علی الجهاد ثانیاً، وتوبیخهم من جانب الإمام ثالثاً. وفی المستوی الصوتی فمعظم الأصوات کانت من الأصوات المجهورة ومن الأصوات الشدیدة والمتوسطة لتدلّ علی سیاق الخطبة الذی یقتضی الجهر والشدة. وکان لتکریر بعض الأصوات دلالات ملائمة لسیاق الخطبة. أمّا فی المستوی الصرفـی فوظّفت المعارف توظیفا دلالیاً حیث دلّت فی بدایة الخطبة علی تفخیم قدر الجهاد وفی نهایة الخطبة علی غضب الإمام 7 علی أهل الکوفة لرفضهم دعوته.